Appel pour une position humanitaire face au séisme en Syrie et en Turquie

Desculpe, este conteúdo só está disponível em francês.

Humanité, où es-tu ? Qu’avons-nous fait de la bonté ?

ـــــــــــــــــــــــــــــ

نداء من أجل موقف إنساني في مواجهة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

AGORA DES HABITANTS DE LA TERRE

واحة سكان الأرض

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أين أنت أيتها الإنسانية؟

ماذا فعلنا بقيم التضامن؟

في السادس من شباط (فبراير) ضرب زلزال بقوة تدميرية هائلة تركيا وسوريا فقتل اكثر من 50 ألف إنسان في تركيا و6 آلاف إنسان في سوريا وبلغ عدد الجرحى والمصابين في كلا البلدين أكثر من 140 ألفاً (هذه الأرقام ليست نهائية، بل هي في ارتفاع مستمر). أتى الزلزال على ست مناطق في تركيا وأربع مناطق في سوريا فدمّرها تدميراً تاماً ومسحها عن وجه الأرض.

هذا الزلزال الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه “أعظم كارثة طبيعية يشهدها العالم في هذا القرن”، شرّد 39 مليون إنسان (بينهم 7 ملايين طفل) وجدوا أنفسهم بلا مأوى، وبلا ذويهم، مقطوعين عن كل أسباب العيش، بائسين، يائسين.. ومع ذلك، وعلى الرغم من فظاعة هذه الأرقام الهائلة والمرعبة والمرشّحة للارتفاع مع تقدّم العمل على رفع الأنقاض وانتشال الجثث من تحت الركام، لم تتحرّك الأوساط المعنيّة بحقوق الإنسان، والتي تفاخر بديمقراطيتها وحريتها… جاء تحرّكها متأخراً وبطيئاً، ولنا أن نتصوّر كم كان كبيراً عددُ الأحياء العالقين تحت الأنقاض، الذين كان يمكن إنقاذهم, فحتى لحظة كتابة هذا النداء، كان يتم إنقاذ احياء من تحت الانقاض حتى بعد مرور 12 يوما من وقوع الزلزال، وفي أماكن قريبة من عين الزلزال.

في مواجهة هذا الوضع المأساوي الذي تسببت به كارثة طبيعية فاقمت نتائجَها المأسويةَ أفعالُ البشر، لا يسعنا إلّا أن نعلن تضامننا التامّ مع السوريين والأتراك والأكراد الذين يعيشون في العراء ويعانون انعدام الماء والغذاء ويقاسون ويلات الصقيع والبرد القارس. بدلاً من وضع خطة طوارئ دولية لمساعدة جميع ضحايا هذا الزلزال، ظهرت مشاحنات حول الأفضلية التي يجب أن تولى لهؤلاء أو لأولئك من قتلى الزلزال، بينما كانت حياة الذين بقوا أحياء عالقين تحت الأنقاض، والتي لا تُقدَّر بثمن، هي التي يجب أن تكون لها الأفضلية والأولوية على كل أشكال الأيديولوجيا والحكومات.. لا يزال السوريون والأتراك يكافحون بلا هوادة لإخراج جثث الضحايا من تحت الأنقاض وضمان بقاء الناجين أحياءً في مواجهة المجاعة الرهيبة والصقيع المروّع.

إنّ مساعدة السكان المنكوبين وتزويدهم بالموارد، وبالزخم المطلوب، إنقاذاً لأرواح الناس هو المسؤولية العاجلة والملحة التي تقع على عاتق جميع البلدان “الغنية” و “المتطوّرة” و”عاشقة” الحرية والعدالة، والتي حقق أصحاب المليارات فيها أرباحاً تفوق الخيال وثروات عملاقة خلال العامين الماضيين، وحققت شركاتها الكبرى متعددة الجنسيات العام الماضي أرباحاً تراوحت بين 10% و 20% بفضل ألاعيب شتّى، ومنها الحروب التي ما زالت جارية في العالم. لم يؤخّذ قرار واشنطن تجميد العقوبات الاقتصادية على سوريا لمدة ستة أشهر فقط، مأخذ الجدّ، ولم يُطبَّق عملياً، فعلى الأرض، لم يفعل شيئاً الجنودُ الأميركيون المنتشرون في سوريا في قاعدة النتف العسكرية الواقعة في محافظة دير الزور، وسْطَ حقل العمر، أكبر حقل نفط في سوريا، ولم يحرّكوا ساكناً. أمّا الاتحاد الأوروبي، فقد أبقى على جنوده في وضعيتهم كما هي عليه، وهذا عملٌ مرفوض ومُشين، فعلى الاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراراً حازماً وفورياً برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، كل سوريا. على أنّ هذا القرار يتوافق تماماً مع التقرير الذي نشره المقرر الخاص للأمم المتحدة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

بعد مضي ثلاث أسابيع على وقوع الزلزال، ما تزال الأعمال اللازمة للإنقاذ والرعاية وتوفير الظروف المعيشية المؤقتة خارج التصوّر، ناهيك عن العمل الهائل والورشات الضخمة التي تستلزمها إعادة الإعمار. كان ثمّةَ شعورٌ عام بأن الحسّ الإنساني، فيما يتعدّى التضامن الدولي التقليدي، لم يكن موجوداً لدى المراتب العليا للحكومات. أمام هذه المأساة العالمية، مرةً أخرى لم تكن الإنسانية، بوصفها مجتمعاً يضمّ سكان الأرض جميعاً والواعون بعيشهم المشترَك، لم تكن وفيّةً للعدالة.

إننا نعلن جهاراً تضامننا الكامل مع المتضررين الذين يعيشون حالياً ظروف الصدمة والمعاناة والعوز وسطَ شتاء شديد القرّ والصقيع. والمساعدات الدولية ستكون في الأسابيع المقبلة تحدّياً وحدثاً مفصلياً، فعلى الدول أن تكون في هذا المستوى، وتستجيب للتحدّي؛ فإخفاق التضامن العالمي حالياً، ولاسيما الخذلان الذي أظهرته الدول الغنية التي تُشغِل نفسَها اليوم بتعزيز قوتها الحربية على الصعيد العالمي، يبيّن بوضوح تام أنّ مجتمعاتنا يجب أن تستعيد قدرتها على أن تكون مجتمعات “طيّبة”، تهتمّ ببناء روابط التضامن بين سكان الأرض. أمام هذا العذاب وهذه المعاناة الإنسانية التي تسببت بها الطبيعة وفاقمها قصور البشرية وتخلّفها عن القيام بدورها الإنساني، يجب أن تصبح العدالة والصلاح وحسن المعاملة وعمل الخير السمة المميزة للعالم برمّته في القرن الحادي والعشرين. الحياة للجميع هي التعبير عن الأخوّة التي تجعلنا مسؤولين، بتضامننا، عن مستقبل البشرية بأسرها.